ولد ابو ماضي في قرية "المحيدثة" من قرى لبنان سنة 1891 وفي احدى مدارسها الصغيرة درس ثم غادرها في سنّ الحادية عشرة إلى الاسكندرية ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان أحد أعضاء الرابطة القلمية البارزين.ويعتبر إيليا أبو ماضي واحدا من أبرز وأشهر شعراء المهجر. بل إن البعض يعده واحدا من أكبر الشعراء المهاجرين. وقد ولد في قرية "المحيدثة" في لبنان سنة 1889.
وفي سنوات شبابه، اقتدى بما فعل العديد من الأدباء والكتاب والصحفيين اللبنانيين في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر مطلع القرن العشرين، رحل إلى مصر ومكث في مدينة الإسكندرية أحد عشر عاما. ومن هناك هاجر إلى أمريكاالشمالية وذلك عام 1911. وفي عام 1919 أصدر ديوانه الثاني "الديوان الأول كان قد أصدره في مصر وكان بعنوان "تذكار الماضي" الذي حمل عنوان "ديوان إيليا أبو ماضي". وقد حقق له هذا الديوان شهرة واسعة في أوساط المغتربين في الأمريكتين.
وفي عام 1927، أصدر ديوانه الثالث "الجداول" الذي كتب عنه ميخائيل نعيمة يقول: "فبين هذه الجداول ما تنسكب معه روحي مترقرقة، مترنمة، مطمئنة، جذلة بثور في عينيها، وجمال على جانبيها. مرحة بحرية لا أرصاد عليها ولا قيود، ومدى لا آفاق لها ولا حدود". وإيليا أبو ماضي هو كما يصفه بعض النقاد "شاعر التأمل والتساؤل والحنين والطبيعة ومظاهرها وأسرارها. وهو يختصر فلسفته الوجودية في قولته الشهيرة التالية: "كن جميلا تر الوجود جميلا" وفي قصيدة له حملت عنوان "فلسفة الحياة" هو يقول:
أيها الشاكي وما بك داء ** كيف تغدو إذا غدوت عليلا؟
إن شر الجناة في الأرض نفس ** تتوقى قبل الرحيل الرجيلا
والذي نفسه بغير جمال ** لا يرى في الوجود شيئا جميلا
أيها الشاكي وما بك داء ** كن جميلا تر الوجود جميلا
وبالنسبة الى إيليا أبو ماضي، الجمال والحب هما أحلى ما في الوجود. وفي قصيدة له بعنوان "ليل الأشواق" هو يقول:
فإذاالحب كالفضاءوقلبي ** طائر في الفضاء ضل وتاها
إن نفسا لم يشرق الحب فيها** هي نفس لم تدر ما معناها
إن بالحب قد وصلت إلى نفسي ** وبالحب قد عرفت الله!
ومحاولا رسم صورة للشاعر المهاجر، هو يقول في قصيدة عنوانها "أنية المهاجر"
أيها السائل عني من أنا ** أنا كالشمس إلى الشرق انتسابي
لغة الفولاذ هاضت لغتي ولا ** يعيش الشدو في دنيا اصطحابي
لست أشكوإن شكى غيري النوى ** غربة الأجسام ليست باغترابي
أنا كالكرمة لولم تغترب ما** حواها الناس خمرا في الخوابي
أنا كالسوسن لو لم ينتقل ** لم يتوج زهره رأس كعابي
أنا في نيويورك بالجسم وبالروح في الشرق على تلك الهضاب
واِليك عزيزي القارىء بعض أشعاره والمتمثلة في نظرة وفلسفة اِيليا للحياة وكيف أنه رجل بشوش متفائل يدعو للعمل والاِبتسام :
قال السماء كئيبة ! وتجهما قلت ** ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم** لن يرجع الأسف الصبا المتصرما
قال: التي كانت سمائي في الهوى ** صارت لنفسي في الغرام جــهنما
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها ** لقضيت عــــمرك كــله متألما
يا صاح إنّ الكبر خلق سيء ** هيهات يوجد في سوى الجهلاء
والعجب داء لا ينال دواؤه ** حتى ينال الخلد في الدنياء
فاخفض جناحك للأنام تفز بهم ** إنّ التواضع شيمة الحكماء
لو أعجب القمر المنير بنفسه** لرأيته يهوي إلى الغبراء
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما ** وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها ** لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا **أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟ ** أو من يثيبُ البلبل المترنما ؟
شكرا لأعدائي فلولا عيثهم ** لم أدر أنهمو من الغوغاء
نهش الأسى لما ضحكت قلوبهم ** عرس المحبة مأتم البغضاء
ذني إلى الحسّاد أني فتّهم ** وتركهم يتعثرون ورائي
وخطيئتي الكبرى إليهم أنهم ** قعدوا ولم أقعد على الغبراء
عفو المروءة والرجولة أنني **أخطأت حين حسبتهم نظرائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق