السبت، مايو 29، 2010

المُبْصِرُونْ





كثيراً ما فكّرت في أنّه سيكون أمراً مباركاً أن يُصاب كلّ إنسان بالعمى والصّمم، لبضعة أيام، خلال شبابه المبكّر. فمن شأن الظلمة الدّامسة أن تجعله أكثر تقديراً لرؤية الأشياء، ومن شأن الصّمت المطبق أن يعلّمه بهجة سماع الأصوات.

بين حين وآخر، كنت أعمد إلى اختبار أصدقائي المبصرين، لكي أعرف ماذا يبصرون. وقد زارتني مؤخّراً إحدى صديقاتي الحميمات، وكانت عائدة لتوّها من جولة في الغابة، فسألتها عمّا لاحظته خلال جولتها، فكانت إجابتها هي التالية: (لاشيءَ يستحقّ الذّكر) !
ربما كنت، في الماضي، ميّالة إلى عدم تصديق ذلك، لكنني، منذ وقت طويل، أصبحت مقتنعة بأنّ المبصرين لا يرون إلاّ قليلاً ! كيف يمكن لمن يتجوّل في الغابة لمدّة ساعة ألاّ يرى فيها شيئاً يستحقّ الذّكر؟ أنا، التي لا أستطيع الرؤية، أجد مئات الأشياء المثيرة لاهتمامي، بمجرّد اللمس. أشعر بتناسق أوراق الشّجر الناعمة، وأمرّر يدي، بسعادة، حول القشرة الملساء لشجرة البتولا، أو اللحاء الخشن لشجرة الصّنوبر. وفي الرّبيع ألمس غصون الأشجار، مفعمة بالأمل, بحثاً عن البراعم.. عن العلامة الأولى ليقظة الطبيعة بعد سباتها الشتوي... وأحسّ بمنتهى البهجة حين يندفع ماء الغدير البارد خلال أناملي المتباعدة.

إنّ بساط أوراق الصنوبر الإبريّة، أو العشب الإسفنجي، هما بالنسبة لي، أكثر إثارة للحفاوة والسرور من أجمل سجّادة فارسيّة، وإنّ مهرجان الفصول، بالنسبة لي، هو دراما مثيرة لا تنتهي " . تلك مقتطفات من مقالة طويلة بعنوان (ثلاثة أيّام للرؤية) كانت قد كتبتها الأمريكية (هيلين كيلّر) وهي في عامها الثالث والخمسين، ونشرت في عدد يناير لعام 1933 بمجلة (أتلانتيك مونثلي).

وعلى الرّغم من أنّ الجميع يعلم أنّ (هيلين كيلّر) قد كانت عمياء صمّاء بكماء، منذ طفولتها المبكّرة، فإنّي أجزت لنفسي القول بأنّها (كتبت) تلك المقالة، ولم أقل (أملَتْها)، وذلك لكي أؤكّد ما ذهبَتْ إليه من أنّ العميان لا يرون، فقط، أكثر من المبصرين، بل هم يستطيعون أيضاً أن يفعلوا ما لايستطيعه كثير من المبصرين، إذ أنني لا أستبعد أن تكون قد كتبت تلك المقالة بنفسها فعلاً، وشفيعي في ذلك أنني رأيت بعيني نماذج من رسائلها ضمن كتابها (قصّة حياتي)، وكانت جميعها بخطّ يدها، وهو برغم غرابته، كان خطّاً جميلاً ومميّزاً !

ليس من العدل أن يُقال بأنّ هيلين كيلّر كانت صندوقاً مُقفلاً (بالعمى والصّمم والبَكَم).. لأنّ لكلّ صندوق بابه، ولكلّ قفل مفتاحه. والصواب في حالتها أن يُقال إنّها كانت مجرّد عقل محبوس داخل مكعّب صلْد مصمت لاباب له ولا قفل.. ومن هنا تبدو عظمة المعجزة التي جعلت مثل هذا العقل يخرج إلى الدنيا ويتواصل مع النّاس، بالقراءة والكتابة، وينال الشهادات الجامعية، على الرّغم من محبسه المُركّب !

في تلك المقالة التي تمنّت فيها هيلين أن تتاح لها الرؤية لمدة ثلاثة أيّام فقط، كان أوّل ما أرادت أن تراه هو وجه مدرّستها الحبيبة (آني سوليفان) التي حملت، عن جدارة واستحقاق، لقب (صانعة المعجزة) . ونحن هنا حيال معجزة أخرى تستحقّ أن يفرد لها مقال خاص، لكنّ مايعنينا الآن هو كونها من أوائل المنتظمين في صفّ أولئك العميان الذين رأوا أكثر ممّا يراه المبصرون .

إنّ (آني سوليفان) التي صنعت معجزة هيلين كيلّر، والتي عُرفت بعزوفها عن الشهرة والأضواء، كانت قد عاشت حياة أسوأ كثيراً من حياة تلميذتها، وذلك لأنّها كانت طفلة يتيمة فقيرة تتقاذفها أيدي المحسنين وجمعيات البِر، فيما كان بصرها ينطمس حتى العمى التام. ومع هذا فقد تعلّمتْ كيف تقرأ بطريقة (بريل)، وفيما كانت تقترب من نهاية دراستها الأوّلية، استطاع أحد الأطباء أن يُعيد إلى إحدى عينيها بصيصاً من النّور، فأقبلت، بشراهة الجائع، على قراءة الكتب بكثافة كبيرة، حتى أطفأت ذلك البصيص في النهاية، لكنّها كانت قد اختزنت ذخيرة لا تنتهي من المعارف التي أهّلتها، وهي في العشرينات، لفتح مغاليق ذلك المُكعّب الصّلْد عن ذلك العقل الجميل الّذي كانته (هيلين كيلّر) .

إنّ المرء ليذهل من مدى حبّ أولئك النّاس للقراءة، للدرجة التي يغامرون فيها بإطفاء آخر بصيص من أبصارهم، مقابل التهام صفحات الكتب، فيما هو يرى (أمّة إقرأ) تُطفئ عيونها في كلّ شيء إلاّ القراءة، وكأنّ القراءة، بالنسبة لها، هي الإثم الأكبر الذي دونه نار الجحيم !ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر، فإنّ الرغبة الحارقة في قراءة الكتب هي وحدها التي دفعت الصبي الفرنسي الأعمى (لويس بريل) إلى ابتكار أبجدية خاصّة من النقط البارزة، صارت تطبع بها الكتب، منذ مايقرب من مائتي عام، ليقرأها ملايين العميان في جميع أنحاء الأرض، بأطراف أصابعهم !

إنّ ذلك الصبي الذي اخترع تلك الطريقة التي سُمّيت باسمه، وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، هو بذاته معجزة عظيمة أخرى تستحق التّوقف عندها طويلاً، فلولاه لما كان لآني سوليفان أن تتلمس الطريق في ظلمة العمى إلى نور معجزتها، ولما كان لها، بعد ذلك، أن تصنع معجزة هيلين كيلّر . طوبى لأولئك المُبصرين الذين أنجبتهم أمم القراءة، ولا عزاء للعميان من أمم الأميّة !

أحمد مطر

الثلاثاء، مايو 25، 2010

أحسن الشعر أكذبه أم أصدقه

لا مندوحة لنا ونحن نتناول قضية الأخلاق في الشعر من مناقشة هذه القضية من جميع جوانبها، اذا لا يمكن الوقوف بالصدق عند الحد المعروف له، وهو مطابقة الواقع، أو الكذب الذي هو مخالفة الواقع خاصة حين نتحدث عن فن له شأن خطير في الحياة، وهو الشعر، لأن "الواقع" في دنيا الناس لا يجب بالضرورة أن يكون كذلك في دنيا الشعراء، اذ لا مجال الى الطعن في أن "الواقع" في الفنون، والشعر واحد من بينها ان لم يكن أرقاها ليس هو "الواقع" الذي يعرفه الناس، ولو اعتقدنا غير ذلك لوقعنا في خطأ جسيم.

وهناك مسألة أخرى تتصل بهذه القضية، ولكنها تخص الشاعر نفسه، وتنحصر هذه المسألة في سؤال فحواه: هل الشاعر مقيد بأن يسلك في شعره طريقا واحدة فلا يتحدث في معنى من المعاني ثم يتحدث بعد ذلك فيما ينقضه؟ أو بعبارة أخرى: هل الشاعر مطالب اذا هو أخذ في معنى من المعاني بأن لا ينسخ ما قاله في وقت آخر؟ وهل يعد "كاذبا" اذا قال الشعر في المعنى ونقيضه؟ ثم هل يكون أشعر بيت كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

وان أشعر بيت أنت قائلــه * *  بيت يقال اذا أنشدته صدقا

أو بعبارة أخرى: هل يكون (أعذب) أو (أحسن الشعر أصدقه) أم (اكذبههذا هو أساس القضية، وعليه نبني، منه نبتدىء: وأول كتاب نبدأ به من كتب التراث هو كتاب "عيار الشعر" لابن طباطبا العلوي (322ه‍) الذي تحدث عن علة حسن الشعر، ورجعها الى الفهم، وما دام الفهم هو منبع الشعر ومصبه فلا غرابة أن يجعل "الصدق" أهم عناصر الشعر، وأكبر مزاياه.وهذا الصدق الذي يريده ابن طباطبا يتفق وفكرة الاعتدال الجمالي في حمى الفهم، فالجمال والحق أو (الصدق) مترادفان هنا في الدلالة، فهذا الصدق يعني السلامة التامة من الخطا في اللفظ و "الجور" في التركيب، و "البطلان" في المعنى أي أن يتمتع الشعر بالاعتدال بين هذه العناصر جميعا، فاذا هو بسبب هذا الصدق شيء جميل، لأنه ميزان الصواب قبل ما يشتمل عليه من لفظ ومعنى وتركيب.

فهناك الصدق عن ذات النفس "بكشف المعاني المختلجة فيها، والتصريح بما يكتم منها، والاعتراف بالحق في جميعها"، وهذا قريب مما نطلق عليه "الصدق الفني" أو اخلاص المتفنن في التعبير عن تجربته الذاتية.وهناك صدق التجربة الانسانية العامة، وهذا يتمثل في قبول الفهم للحكمة، لارتياحه "لصدق القول فيها، وما أتت به التجارب منها".وهناك الصدق التاريخي الذي يتمثل عند "اقتصاص خبر أو حكاية كلام" وهنا يجيز ابن طباطبا للشاعر اذا اضطر أن يزيد، أو ينقص على شرط أن تكون "الزيادة والنقصان يسيرين غير مخدجين لما يستمعان بهما، وتكون الألفاظ المزيدة غير خارجة من جنس ما يقتضيه بل تكون مؤيدة له، وزائدة في رونقه وحسنه".

وهناك نوع رابع من الصدق هو الصدق بمعناه الأخلاقي من غيره، وهو مالا سبيل للكذب فيه بنسبة الكرم الى البخيل، أو نسبة الجبن الى الشجاع وانما هو نقل للحقيقة الأخلاقية على حالها، وهذا يتضح في المدح والهجاء، وفي غيرهما من الفنون، وهو شبيه بموقف عمر رضي الله عنه من زهير، وقد كان يمدح الرجل بما فيه، كما عرف عنه.وأما النوع الخامس فهو الصدق التصويري أو ما يسميه ابن طباطبا "صدق التشبيه"، وقد نص عليه في غير موضع من كتابه من مثل قوله: "فشبهت (العرب) الشيء بمثله تشبيها صادقا على ما ذهبت اليه في معانيها التي أرادتها". وقوله: "فأحسن التشبيهات ما اذا عكس لم ينتقض، بل يكون كل شبه بصاحبه مثل صاحبه، ويكون صاحبه مثله متشبها به صورة ومعنى".

وللتشابه انحاء منها: الصورة، والهيئة، والمعنى، والحركة، واللون، والصوت، فكلما زاد عدد هذه الأنحاء في التشبيه قوى: "وتأكد الصدق فيه وحسن الشعر به للشواهد الكثيرة المؤيدة له".فاذا خرج الشاعر عن الصدق انتقل الى الغلو والافراط، وذلك عيب، ومتى تضمن الشعر "صفات صادقة، وتشبيهات موافقة وأمثالا مطابقة، تصاب حقائقها، ويلطف في تقريب البعيد منها..

أصـغى اِلـيه و وعاه ** واستحسنه السامع واجتباه

فاذا توفرت للشعر أنواع الصدق، وتوفر للشاعر صدق التجربة جاء شعرا جميلا معتدلا مؤثرا.والذي لا شك فيه أن هذه المقاييس التي وضعها ابن طباطبا، وجعلها عيارا للتشبيه والمجاز في الشعر قد جار بها على قوة الخيال، وعنصر التشخيص في الشعر، فهو يعيب قول المثقب العبدي على لسان ناقته:

تقول وقد درأت لها وضينــي
أهذا دينه أبــداً ودينــي؟
أكل الدهر حــل وارتحـــال
أما يبقى على ولا يقينــي؟

ويرى أن هذه "الحكاية كلها عن ناقته من المجاز المباعد للحقيقة" غير أنه خفف من مغالاته في الحكم على هذين البيتين بقوله "وانما أراد الشاعر أن الناقة لو تكلمت لأعربت عن شكواها بمثل هذا القول".ويجعل "من الايماء المشكل الذي لا يفهم، وقد أفرط في حكايته قول الآخر:

أومت بكفيها من الهودج
لولاك هذا العـام لم أحجج
أنت الى مكـة أخرجتني
خبيا ولولا أنت لم أخـرج

الذي علق عليه بقوله: "فهذا الكلام ليس مما يدل عليه ايماء، ولا تعبر عنه اشارة".أما الحاتمي (388 ه‍) فلم يكن له موقف حاسم من قضية "أعذب الشعر أكذبه"، وهي قضية لها صلة ملحوظة بالفكر الفلسفي، فحين تحدث عن الاغراق أو (الغلو) قرر أن العلماء في هذا مختلفون، فبعضهم يرى أن أبيات الغلو من أبدع الشعر الذي يوجب الفضيلة اعتماداً على ما قيل: "أحسن الشعر أكذبه"، ويرى هذا الفريق أنه اذا أتى الشاعر من الغلو بما يخرج عن الموجود، ويدخل في باب المعدوم فانما يراد به المثل وبلوغ الغاية، وفريق آخر يعيب هذا المذهب لمنافاته الحقيقة.

ولم يكن الحاتمي يرى بأسا من ايراد نماذج من الغلو في كتابه "حلية المحاضرة" يسمى كل بيت منها "أبدع بيت قيل في الاغراق" دون أن يكون منتميا الى أحد الفريقين في جرأة، وعلى نحو واضح.وحين زاد المرزوقي (أبو علي أحمد بن محمد) (421ه‍) من اتساع نظرية "عمود الشعر" فانه جعلها ذات وسط وطرفين، فأما أن يعمد الشاعر الى تحقيق العناصر التي يقوم عليها عمود الشعر عن طريق "الصدق"، وأما أن يذهب مذهب الغلو، وأما أن يكون مقتصدا بين بين، ولكل جانب انصاره الذين يؤثرونه.

واذا كنا قد رأينا أن النقاد قبله فئتان: فئة تقول: "أحسن الشعر أكذبه" وأخرى تقول: "أحسن الشعر أصدقه" فانه قد زاد _بذلك _ فئة ثالثة تقول: أحسن الشعر أقصده.وابن حزم (أبو محمد بن حزم الأندلسي) (463ه‍) يأخذ برأي من يقول: "أحسن الشعر أكذبه"، ولذلك رأى أن الشعر مبنى على (الاغراق) فاذا أخذ الشاعر في الصدق فقال: "الليل ليل، والنهار نهار" أصبح محطا للهزء والسخرية، وهذا الاغراق تصدقه الأدلة القرآنية في الشعراء، ولهذا نهى النبي عن الاكثار منه إلا ما خرج عن حد الشعر فكان مواعظ وحكما ومدحا للنبي (ص).

وأما ابن بسام الشنتريني (542ه‍) فقد كان ناقدا محافظا _ان صح التعبير_ ولهذه الروح رفض أن يضمن مؤلفه "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" أي موشح خضوعا لما جرت به العادة في المؤلفات المخلدات، وان كانت الموشحات مطربة الى حد "أن تشق على سماعها مصونات الجيوب، بل القلوب"، وتمشيا مع هذه الروح، ومع حقيقة أندلسية واقعية فانه يمقت الشعر حين يبتعد عن الصدق الواقعي.

ونقطة ثانية تتصل بموقف حازم القرطاجني _684ه‍ _ 1285م) من هذه القضية، (قضية الصدق والكذب في الشعر)، وكان قد خضع في مقاييسه النقدية للأثر الفلسفي الذي استوحاه من الفارابي وابن سينا، غير أنه _فيما يبدو _ لم يحاول أن يجري في مضمار من سبقوه وانما انفرد باستنتاجات جديدة، حيث فرق بين الشعر والخطابة، وقرر أن الشعر قائم على "التخييل" والخطابة قائمة على "الاقناع" وكان الفارابي قد قال: ان الأقاويل الشعرية كاذبة بالكل لا محالة، لأنها قائمة على "التخييل". ورغم ذلك ترجع الى نوع من أنواع القياس، وأن لهذا التخييل قيمة البرهان في العلم، وسمى هذا التخييل باسم المحاكاة، ورآها لذلك أهم عنصر في الشعر، ولكنها ليست في الخطابة، اذ تقوم على الاقناع، فهي "صادقة" بالمساواة (أي أن الصدق والكذب فيها متساويان)، ولكن حازما ذهب من الأسس التي صاغها الفارابي في منحى آخر.. فالتخييل في الشعر كما قال الفارابي قد ينقل الشيء على ما هو عليه، أو يخيله على غير ما هو عليه، فهو أحق بأن يقال فيه: ان مقدماته تكون (اذا نقل الشيء على ما هو عليه) صادقة، وتكون "اذا خيل الشيء على غير ما هو عليه" كاذبة.

ويعلل لذلك بقوله: "اذ ما تتقوم به الصناعة الشعرية، وهو التخييل غير مناقض لواحد من الطرفين، فلذلك كان الرأي الصحيح في الشعر أن مقدماته تكون صادقة، وتكون كاذبة، وليس يعد شعرا من حيث هو صدق، ولا من حيث هو كذب، بل من حيث هو كلام مخيل".ويدخل الصدق والكذب عند حازم في الحكم على أفضل الشعر وأردئه، فأفضل الشعر "ما قويت شهرته أو صدقه، أو خفى كذبه". وأردؤه "ما كان قبيح المحاكاة والهيئة، واضح الكذب".وبعد أن ساق قول الجاحظ: "ليس شيء إلا له وجهان وطريقان فاذا مدحوا ذكروا أحسن الوجهين، واذا ذموا ذكروا أقبحهما" قال: "وأنا أذكر الاتجاه التي يترامى اليها صدق الشعر، وكذبه بما يقتضيه أصل الصناعة ويوجبه، وهو الذي يعتمده المطبوعون من الشعراء، وهي ثمانية أنحاء".

وخلاصة القول هنا أن الشعر انما ينظر اليه من ناحية تأثيره، وقدرته على أحداث الانفعال النفسي، فقد يكون صادقا، والصدق فيه قادر على احداث الانفعال، وقد يكون صادقا والصدق فيه عاجز عن احداث الانفعال، وحينئذ يكون الكاذب القادر على احداث الانفعال خيرا منه، وقد استشهد حازم في هذا الصدد بقول الفارابي: "الغرض المقصود بالأقاويل المخيلة أن ينهض السامع نحو فعل الشيء الذي خيل له فيه أمر ما من طلب له، أو هرب عنه" وكأنه لم يطلع على قول الفارابي: ان الأقاويل الشعرية كلها كاذب، ولهذا ساوى بين موقفه وموقف ابن سينا فقال: "فأنت ترى هذين الرجلين كيف جعلا التخييل قد يكون بما هو حقيقة في الشيء، وقد يكون بما لا حقيقة له".وقد وقف حازم من المتكلمين الذين أشاعوا نسبة الكذب الى الشعر موقفا عنيفا، حيث اتهمهم بأنهم لا علم لهم بالشعر، لا من جهة مزاولته ولا من جهة الطرق الموصلة الى معرفته، كما اتهمهم بضعف بضاعتهم في النقد، لأن المقدمات اليسيرة في الفصاحة والبلاغة لا تكفي، لأن صناعة البلاغة لابد فيها من انفاق العمر "فهي البحر الذي لم يصل أحد الى نهايته مع استنفاد الأعمار فيها".
----------------------------
المصدر : الدين والاخلاق في الشعر

الاثنين، مايو 24، 2010

لغة الحب ولغة الحرب

يقولون أن ما بين الحرب والحب رسالة مختلفة كتلك العلاقة التي تجمع بين الماء والنار ولم نكتشفها بعد؟! أي تناقض ذلك الذي بدأت أفكر فيه؟ وأي علاقة تلك التي نحاول اكتشافها وتجمع بين هذين المتناقضين؟ الحرب تبدأ تلميحاً ثم تسمعها تصريحاً وكذا هو الحب أيضاً.. ولكن النهاية مختلفة بالتأكيد.قد تعيش الحب دون أن تبحث عنه.. وقد تدخل الحرب قبل أن تستعد لها.. وإن وقعت في أي منهما فلا مجال لك أن تهرب.. فهو واقعٌ ويجب أن تعيشه شئت أم أبيت! فعلاقة الانسان بالحب والحرب معاً علاقة أزلية، جذورها ممتدة من قبل الكلام ومن مبتدأ الحرف.

نعم، لا شيء يجعل الانسان يتحدى المستحيلات ويذلل الصعاب كالحب والمحبة، فكيف سيحارب الانسان عدوه وقد نسي كل مفردات العاطفة الصادقة.. لكن اليوم لم يعد الحب كما كان، بل أصبح مرحلياً يبدأ من نهايته، هوت عواطفنا ومشاعرنا من برج الحلم إلى حضيض المحسوس، وتكسرت العاطفة على صخرة وطأة الغرائز، وضاع زمن الحس المرهف يوم كان الكلام يتلعثم على ألسنتنا أمام نظرة عين شاردة، حين كان الخجل مفتاح الولوج لمحراب المرأة وحين كان الصمت يدوي بكل لغات الطبيعة.

اليوم، أبواب الحب الصادق أغلقت أبوابها وفتحت معاهد وجامعات لحب سوقي مصطنع ينتشر على أرصفة الشوارع وعلى حواف البرك الراكدة يبيع عشقاً رخيصاً عارياً من كل ما هو "محلل" وراقي. علبوا حبهم على شكل زينة وفستان وبدلة عرس واختلفوا على أثاث البيت فتراجع الحب مهزوماً وفرت عصافير الفرح عن الشبابيك المشرعة واستيقظ العشاق على لحن صاخب نشاز بعد أن هرب الحلم حاملاً كل ما هو جميل وتكسرت الوردة تحت زحمة الأشياء وتناقضاتها!

الحب والحرب مفهومان للعقل والقلب لابدّ من تفعيلهما حتى نستحق لقب الإنسان، ففي الحب نحاول أن نتمسك أمام طوفان الحب وجبروته.. ولكننا قد نفشل من الصمود كثيراً ثم ما نلبث أن ننهار.. ونعلن الاستسلام.. وفي الحرب أيضاً نعيش تلك الصورة بعد أن يحاول أحدهم أن يصمد ولكنه قد يفشل فيحاول صنّاع الحرب أن يستخدموا كل أنواع الأسلحة لكسب المعركة.. في الحب أيضاً يستخدمونها لكن قد يكون الأمر مختلف فهي تستخدم هنا لكسب القلوب.

لغة الحب قد تكون هي "قاعدة" و"لغة خاصة" لا يعرفها إلا الراسخون فى علم المحبة، حتى فى زمن الحرب هناك مَن لا يعرفون إلا لغة الحب لكى يتحدثوا بها، فالحرب أحياناً تكون ضرورية لكى تسود لغة الحب.فعندما يتوقف الشعراء عن كتابة قصائد الحب وعندما يتوقف العشاق والمحبون عن العشق والمحبة فان ذلك يسبب الحرب لا غيرها. هذا الصراع الأزلي بين الحب والحرب هو أشبه ما يكون بالصراع الأزلي بين الخير والشر والحق والباطل والحرية والدكتاتورية.فالحب له فضائله والحرب تحمل بعض الفضائل أحياناً عندما تنتصر للخير على الشر وللحق على الباطل وللحرية على الدكتاتورية.

الحب والحرب مفهومان لا يقبلان الخطأ، يتحرك بهما الساكن ويلغى المستحيل وتثير عاطفتا الحب والحرب ليشتعل الكون! ولكنني أعتقد أنها ستكون حالة مؤلمة وقاسية أن يعيش الانسان بلا حب ولا حرب وأن يفقد النطق باللغتين معاً، فلا لغة الحرب مروية ولا لغة الحب محكية!

الفارق بين الحب والحرب يختصر بحرف واحد، ولكن التفاصيل كثيرة ومتعددة وفي تلك التفاصيل شيء ندركه ولا ندركه يجوس متاهات الروح يعابثها يستثيرها أن تطلق عبر المدى نورانية الإحساس بالحياة لتنهمر من علياء التطلعات الأسئلة زخات.. زخات.. زخات، وقتها أدرك حجم عطشي وحاجتي لحالة "الحب" محكية وأن ابتعد عن قصص الحرب المروية، دون أن أنسى أنه لا يفسد الحب إلا البقية!!

الكاتب : خالد محمود

Amistad



Amistad أو الصداقة




 الصداقة أو ( أميستاد ) باللغة الاِسبانية هو واحد من روائع هوليوود والفلم يحمل رسالة اِنسانية عظيمة جدا . بالنسبة لي يعتبر أحد أروع الأفلام التي شاهدتها في حياتي بل هو واحد من أفضل الأفلام التي جسدت معنى الحرية في زمن العبودية وكيف أن المعاني الاِنسانية واحدة وقيمتها واحدة واِن اختلف الجنس أو اللون أو العرق ..! وقد علمنا نحن المسلمون أن قيمة الاِنسان ليست بلونه ولا بنسبة ولكن قيمته الحقيقية في قلبه وأن أكرم الناس عند الله هو أتقاهم وليس باللون أو العرق ولا باستعباد البشر كما قال أمير المؤمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار ) يالها من جملة تكتب بماء الذهب.

الفلم يتحدث عن الاِتجار بالعبيد وكيفية جلب هؤلاء من موطنهم الأصلي كي يعملوا لدى الرجل الأبيض وتحت خدمته ، ولا يكفي هذا وحسب ولكن القسوة ووحشية المعاملة كانت هو اللسان الذي يتحدث به الرجل الأبيض في ذلك الزمن تجاه اللون الأسود خاصة ..!
هنا صورة عن لبعض العبيد وهم مقيدون حيث سيكون موطنهم التالي هو بلاد الرجل الأبيض


 

الفلم به توليفة رائعة وفريدة من الممثلين أمثال أنتوني هوبكنز ومورجان فريمن و ( ديمون هونسو ) ولكل شخص من هؤلاء يحتاج الى موضوع منفرد ولكن بطل قصتنا ( فلمنا ) هو ديمون هونسو حيث جسد شخصية الرجل الأفريقي بكل امتياز واِتقان . في الطريق من أفريقيا الى بلاد الرجل الأبيض ثار بعض العبيد مما أدى الى قتل بعض جميع طاقم الرجل الأبيض وأسر بعضه ولكن ..! بعد أن وصلت السفينة المحملة بالعبيد الى أراضي الرجل الأبيض ( أسبانيا )

هنا تظهر صورة وصول العبيد الى بلاد الرجل الأبيض




وهنا بدأت المحاكمة والتي كانت بها المشاهد الجميلة والحوارات الاِبداعية الفريدة وكان محامي الدفاع قد أعجب بشخصية " سينكي " وبدأ معه المشوار نحو الحرية وتبادل الثقافات ...






أعطني حريتي


ينتهي الفلم بانتصار الحرية على العبودية والحق على الباطل والاِنسانية على اللااِنسانية وذلك حين يقوم القاضي بتبرئة سينكي ورفاقة واِرجاعهم من حيث أتوا الى موطنهم الاصلي الى بلاد العجائب بلاد أفريقيا
.
.
.

الأحد، مايو 23، 2010

حكومة العالم الخفية


حقا كتاب يستحق القراءة ولحسن الحظ وجدته في عالم الاِنترنت ووجدت بعض المقدمات عنه سوف لن تكلفني عناء الكتابة . وأضيف على ما سوف أقتبسه أن هذا الكتاب به سمحة تاريخية لوجه أوروبا الحديث اِضافة الى أمريكا ( الولايات المتحدة ) فهو أي الكتاب يتحدث عن الحالة الاِقتصادية والسياسية والدينية للمجتمع الأوروبي ..! اِذن فهو مرجع آخر لمن أراد البحث عن الطابع السياسي والاِقتصادي لأوروبا  . وأيضا يبين للقارء أن هناك أيادِ خفية تحرك العالم أو لنقل تحرك بعض الحكومات الكبيرة دون ان تظهر بالصورة أو أن تكون لها ظهور اِعلامي أو سياسي ..! من خلال القراءة سوف تعلم من هي تلك الأيادي الخفية .
.
.
.



يتحدث المؤلف “شيريب سبيريدوفيتش” عن دور الروتشيلديين اليهود في أوربا وكيفية سيطرتهم عليها، ويستعرض تاريخهم من البداية، وكيف تحكموا بالعالم الحديث عبر البنوك، وكيف صنعوا تنظيماتهم ووضفوها لتحقق أهدافهم الدنيئة. يقول المؤلف بأن الصهيونية العالمية تتحكم بالعالم أجمع، وأنها تلجأ إلى أي شيء في سبيل استمرار هيمنتها على هذا العالم بالاغتيالات والحروب ونشر الفوضى والدمار وما إلى ذلك من وسائل تدميرية يثبت المؤلف من خلال الوثائق أن الصهيونية العالمية صنعت أحداثا تاريخية كثيرة وخطيرة .، وهذا جزء مما اورده فى مقدمة الكتاب المترجم الى العربية الصادر عن دار النفائس

 مقدمة (( …. ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين ….. )) ( المائدة : 64 ) المؤلف والكتاب : مؤلف هذا الكتاب ، كما قدمه ناشر الطبعة الإنكليزية هو شيريب سيبريدوفيتش Cherep Spiridovich ، سليل أسرة نبيلة تنحدر من أصل سكندنافي ، وجده الأعلى هو الأمير رورك Rurik الذي استدعاه السلافيون عام 862م إلى نوفجورد Nivgorod حيث أسس أسرة حاكمة أعطت لروسيا اسمها . وقد اتصف سيبريدوفيتش ( بغيرة روحية دافقة هي نتاج التقاليد السكندنافية التي ورثها ، والتعليم الخاص الذي لقنه والتدريب الذي نشأ عليه . وامتاز بموهبة عجيبة في التأليف ، وقدرة خارقة على الحفظ ، الأمر الذي يسر له جمع معلومات وافرة عن مواضيع مختلفة . وتضافرت هذه العوامل كلها في خلق فهمه لمتطلبات الحاضر من خلال قدرة معجزة على التنبؤ بالمستقبل ) على حد قول ناشر الطبعة الإنكليزية .

وهذا الكلام من أفضل ما يوصف به الكتاب ، فهو معين لا ينضب من المعلومات عن أهم حوادث التاريخ الحديث ، وأشهر القادة والرؤساء العالميين ، جمعها المؤلف وحشرها في 195 صفحة باللغة الإنكليزية دون تبويب أو ترتيب ، فقد وضع لكل صفحة عنواناً وذكر فيها ما سمحت له الظروف أن يذكره ، فتراه يتكلم في صفحة ما عن ( الحكومة العالمية ) ثم ينتقل للحديث في الصفحة ذاتها ، أو في التي تليها ، عن دور الروتشليديين في فرنسا ، ثم يقفز مباشرة إلى الحرب الأهلية الأميركية ، كل ذلك لا يجمعه أية رابطة منطقية أو تصنيف معين . فلا الأحداث متسلسلة تاريخياً ، ولا هي مرتبة حسب الدول أو المواضيع ، وقد يعيد في صفحة ما تحت عنوان معين  ما ذكره في صفحة أخرى تحت عنوان آخر .

ونظراً لأهمية المعلومات التي وردت في الكتاب والتي تعطي فكرة واضحة عن خلفية الأحداث الغامضة ، والقوى المحركة وراء كل حدث عجز الناس عن إيجاد تفسير منطقي له ، وكي تغدو هذه المعلومات سهلة التناول ، فقد عمدنا إلى ترجمة الكتاب ثم تصنيف المعلومات المهمة التي وردت فيه حسب مواضيعها ، بعدما اختصرنا ما وجدنا ضرورة لاختصاره ، وأغفلنا ما ليس له علاقة بالموضوع أو كان مكرراً . ولئن كان الكتاب ( جلة عن اليهود فهو لم يوضع في الأساس ضدهم ) كما ذكر ناشر الطبعة الإنكليزية في بداية مقدمته ، لكن كتابته ( بوحي من الضمير ) على حد قول المؤلف ، جعلت الكتاب بمجمله يأتي ضد اليهود ، ويجعل الحل الوحيد لمشاكل العالم في القضاء عليهم ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) .

وقد اختار المؤلف لكتابه العنوان التالي ( حكومة العالم السرية ) أو ( اليد الخفية ) ( The Secret World Govemment ) or ( The Hidden Hand ) وكتب على الغلاف ( اقرأ هذا الكتاب فيتغير العالم في نظرك ) و ( توضيح مائة حدث تاريخي غامض ) .وينطلق المؤلف في كتابه من قناعة كاملة بوجود هيئة يهودية بها صفة عالمية قدر عدد أفرادها في أوائل القرن العشرين بثلاثمائة رجل يهودي يرأسهم أحدهم ، نظامهم ديكتاتوري استبدادي ، ويعملون وفق خطة قديمة مرسومة للسيطرة على العالم ، فهم عبارة عن حكومة خفية تحكم الشعوب بواسطة عملائها ، ولا تتوانى عن قتل أو تحطيم كل مسؤول يحاول الخروج عن طاعتها أو يقف حجر عثرة في سبيل تنفيذ مخططاتها . ولها من النفوذ والقدرة – في نظره – ما يجعلها قادرة على إيصال أي ( حقير ) إلى الزعامة وقمة المسؤولية وتحطيم أي قائد حينما تشاء . ويشرح في كتابه دور هذه الحكومة في الأحداث والثورات والحروب العالمية لغاية سنة 1928م .

المنظمة السرية :

وما يسنده المؤلف إلى ( حكومة العالم الخفية ) شبيه بما يسنده وليام غاي كار في كتابه ( أحجار على رقعة الشطرنج ) إلى ( النورانيين ) ، بينما يؤكد كتاب آخرون أن قيادة الماسونية العالمية – ويعطونها أسماء مختلفة – هي عبارة عن حكومة سرية عالمية تتحكم في شعوب العالم ، من رواء ستار . حتى أن شيريب سيبريدوفيتش نفسه يقول في الصفحة 56 من الطبعة الإنكليزية ، لهذا الكتاب : ( يؤكد م. كوبند البنسلي M. Copind , Albancelli أن القوة الخفية التي تتحرك من خلف الماسونية هي الحكومة السرية للشعب اليهودي … ) .

وهكذا نلاحظ أن الجميع يدورون حول فكرة وجود منظمة سرية عالمية ، ويختلفون في أسمائها ، لكنهم ينسبون إليها نفس الأعمال . ونرى بعضهم موضوعياً في بحثه ، يورد الحوادث ويستنتج منها أموراً يقبلها العقل ، بينما يظهر ( الهوس ) في كتابات آخرين ، فيعزون كل حدث عالمي لا يجدون له تفسيراً إلى تلك ( القوة الخفية ) ، حسبما يسميها كل منهم .وكيلا ننجرف نحن أيضاً وراء هؤلاء ( الآخرين ) ونضيع في متاهات الاستنتاجات والمعلومات التي يقدمونها لنا يجدر بنا أن نقف قليلاً لنحدد ولو بشكل استنتاجي ماهية ودور هذه ( القوة ) التي لا نستطيع أن نعطيها اسماً معيناً حتى الآن :

1- فمما لا شك فيه ، وهذا أمر ثابت تاريخياً ، أنه ظهر خلال حقب التاريخ المختلفة جمعيات سرية، كانت تغرق في السرية ( والرمزية ) كلما ازداد أعداؤها في اضطهاد عناصرها وظلمهم .
2- وكثيراً ما تعرضت هذه الجمعيات لافتضاح أمرها أو اعتقال أفرادها ، ومن ثم شيوع طرق تنظيمها وإفشاء أسرارها .
3- ومن الطبيعي أن التنظيمات اللاحقة تستفيد من أخطاء التنظيمات السابقة وتتأثر بها وتتحاشى هناتها ولو تغيرت الغايات والأهداف ، فإذا ما تشابهت الأهداف فمن الطبيعي أن تتشابه ( الرموز ) و ( الطقوس ) وربما التسميات .
4- ومن المعروف تاريخياً أنه كان لليهود دولة بمعنى الدولة ، في زمن النبي سليمان عليه السلام فقط ومنذ سنة 587 قبل الميلاد ، حينما أغار بختنصر على مملكة يهوذا وساق أهلها أسرى إلى بابل ، لم يستطع اليهود إقامة دولة رغم محاولاتهم المتكررة التي كان يعقب كلا منها تشتت جديد وتشرد في مختلف أنحاء العالم . وهناك في بابل ( في الأسر ) اخترع زعماؤهم فكرة ( الوعد ) ورسخوا في أذهانهم خرافة ( شعب الله المختار ) ليحافظوا على وحدة الشعب وصفائه العنصري ويعيدوا إليه ثقته في نفسه .
5- لذا لا يستبعد عقلياً أن يعمد اليهود إلى تأسيس جمعية سرية تعمل على تحقيق أهدافهم . بل أكثر من ذلك ، لا يستبعد تشكيلهم لحكومة عالمية سرية ، تتألف من قادتهم ذوي الأطماع الكبيرة في السيطرة على شعوب العالم ، التي يسمونها ( غوييم ) ، وهم الذين يعتقدون أن اليهود ( شعب الله المختار ) . وهذا ما يجعلنا لا نستغرب بل نميل إلى الاعتقاد بأنه يوجد لليهود (حكومة عالمية سرية) لا وطن لها ولا أرض ولا سلطات ، وهم الذين قضت عليهم طبيعتهم أن لا تكون لهم حكومة فعلية أو وطن أو أرض ودولة .
6- لكن يجدر بنا أن نتساءل ، ما هو مدى سيطرة هذه المنظمة السرية أو ( الحكومة الخفية ) على الحكومات الحقيقية ، وعلى التنظيمات العالمية ، خاصة تلك التي ارتبط اسمها بالصهيونية العالمية وأخص بالذكر ( الماسونية )

كله تمام يا فندم


 اٍني أحبك وأنت تعلم ** قلبي يرددها ولا أتكلم

حين يعاتب المحب حبيبه ويغلظ عليه بالحديث ليس لأنه كاره له ولكن من فرط حبه له ومن هذا المنطلق أحسب أني أكتب ما أكتب من فرط حبي لخادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه وحبي للوطن ومصلحة هذا الوطن وتبيان بؤر الفساد والظلم ومن ثم تقويم تلك المفاسد ودرئها ورد المظالم واٍحقاق الحق أريد أن يصل صوتي اٍن كان يصدح بالحق الى المسؤولين ووأصحب القرار أو أن لا يتعدى هذا المتصفح اٍن كان يلمز ويغمز بغير الحق .

ولن أتحدث عن مدى غنى وثراء المملكة فــ الأرقام هنا لن تسع هذا المتصفح ولن أتحدث عن بعض المسؤولين والتجار الذين يقولون (اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم ) - فلم يكن بها حافظا ولا بها عليما !! ولن أتحدث عن الخصخصة المصمصة التي امتصت دماء المواطن بهذه القوانين التي ما أنزل الله بها من سلطان من ضرائب على العمالة وعلى الأوراق الثبوتية والمحلات التجارية !! ولن أتحدث عن التساهيل المتوفرة للمواطن في الوظائف والتوظيف !! لأنك بكل تأكيد ستقول " حدث ولا حرج "

ولن أتحدث عن الأموال الطائلة التي لا حصر لها فـ تلك ذهبت للدولة الفلانية بسبب ذلك الاٍعصار وذهبت الأخرى هناك في مشرق الأرض لمساعدتهم على النهوض من هذه النكبة الاٍقتصادية !! ولا عن المليارات التي تطايرت الى البلد الفلاني وأتبعتها عيوننا وعقولنا طائرة معها تنظر اٍليها بحرقة ليس حسدا من عند أنفسنا ولكن كان الأولى أن توضع هذه الأموال هنا في هذا البلد ولــ هذا الشعب .
 ولن أتحدث عن الصفقات الخيالية في الأسلحة والتي مصيرها الأوحد هي المخازن وتحت السراديب ولو كانت تلك الصفقات عبارة عن صفقات من الزيتون والبر لكان أفضل , لو كانت مثل هذه الأرقام توضع في أرض بلدي لأصبحت هذه الأرض واحة خضراء من بحرها للبحر !!

كثيرون في وطني العزيز وتحت سمائه وفوق أرضه لا يكادون يجدون قوت يومهم !! لست أبالغ ورب محمد ولكن لا يشكو الرأس اٍلا من به وجع ؟ فالحديث عنه يطول ولن أتحدث عن الصحة وسوءاِدارتها أو الشح في الأسرة في المستشفيات أو العقاقير التي يستجدي المواطن يحصل على حبيبات للضغط والسكر !! فـذلك " يأتي بالضغط والسكر والسل والملاريا وفقدان نقص المناعة وغيره من الأمراض التي باتت متفشية في أروقة هذه المستشفيات ولن أعرج على التعليم !! وما أدراك مالتعليم وتلك الخطة المنهجية لذلك التعليم ! وللخريجين المكدسين في كل مكان يتمنون أنهم لو لم يتخرجوا وبقوا في مقاعد الدراسة لكان خيرا لهم !! ولا عن حركة النقل والتعيين ! ولا عن الواسطات وامسكلي واقطعلك !

 ولن أتحدث عن سوء المعاملة التي يلاقيها المراجع في الدوائر الحكومية !!ولن أتحدث عن مزاجية كل مدير وبحسب مكانته في منطقة لأخرى فالحديث ذو شجون ولن أتحدث عن القوانين التي تسن في كل منطقة كل على حده ! وكأننا في أحد ولايات أمريكا ولا يجمعنا قانون واحد تحت دولة واحدة ..! ولن أتحدث عن المدراء ومايفعلونه من تسلط وتكبر وظلم واستخدامهم لتلك الكراسي والتي أود أن أكسرها فوق رؤوسهم وكأنهم ولاة على هذه الكراسي فما أن يقوم أحد منهم بعدما أكل الأخضر واليابس حتى يقوم أخر بنفس المهام وكأن حالهم يقول (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوي الأمين ) فــ والله وتــ الله بــ الله لم يكونوا أمناء ولا أقوياء اٍلا على سلب المواطن بعضا من حقوقه والحق الأخر يقتضي الزمن كفيل بأن يسلبه منه ..!

ولن أتحدث عن البلاوي واستخدامهم لتلك المناصب فيما يخدم مصلحتهم الشخصية !! ولن أتحدث عن المناقصات الحكومية ومايحدث فيها ولن أتطرق بالحديث اٍلى الطرق السريعة ولا اٍلى الشوارع المهترئة ولا اٍلى ألالاف الكيلومترات من الأزفلت الذي أكل عليه الدهر وشرب فـالحديث عنه جدا مؤلم.

سأتحدث عن ما يسمون بــ " كل تمام يا فندم " نعم اٍنهم الحاشية وعالية القوم ونخبة المجتمع !! المسؤولون أمام الله أولا وأمام الحاكم والشعب وأنفسهم في كل قرار يتخذونه وفي كل خطوة يخطونها في سبيل توفير سبل الراحة للمواطن ! أو من المفترض أن يكون كذلك !! سأتحدث عن أولئك الاٍقطاعيون والذي يقننون القوانين بحسب مزاجيتهم النتنه وبحسب مكانتهم ولا يتقيدون بنظام موحد !! ورب المسيح ،، لم تقم أي دولة في التاريخ اٍلا على أكتاف أبنائها من عامة الشعب وليس فقط نخبة من الناس وكأنهم يقولون ( والعاملين عليها )فقط و لمصلحة معروفة وغير معروفة !! دائما ما تكون الحاشية المحطية بولي الأمر هي التي تتناقل أخبار العامة والشعب أو حتى الاٍدارة على مستوى أقل من الحكم والدولة ، سأتحدث عن وحوش في هيئة البشر لا قلوب لهم يشعرون بها ولا أعين يبصرون بها ولا آذان يسمعون بها .

لاأقول أن كل مايجري لا يعلم به الملك ولا أقول أن كل مايجري يعلم به ولكن تلك الحاشية التي تحبس الحقيقة عن عيني الملك وأن كل شيء على مايرام وأن الشعب يتمنى له طول العمر والصحة والعافية فقط !! ذلك صحيح ولكنها كلمة حق يراد بها باطل..! نعم نتمنى له طول العمر والصحة والعافية ولكن نتمنى عليه أيضا أن ينظر بعين الأب لأبنائه أن ينظر في حال الكثيرين من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة بعد الله اٍلا الملك و التمسك بحبل الخير وحبل العطاء الملك عبدالله ، والله اٍن به من سمات الخير الشيء الكثير وبه من الاٍنسانية الشيء الكثير ولكن هم من يحولون بيننا وبينه هم الذين يقولون لا تنفقوا فهم ليسوا بحاجة اٍلى المال !! هو من يقولون ( كله تمام يا فندم)

لا أقول أننا نريد أن نصبح أغنى من على هذه الأرض ولكن نريد أن ننعم بالحرية ليست كتلك الحرية التي يطالب بها العلمانيون والملحدين ولكن تلك التي تقع تحت مظلة الاٍسلام والشريعة السمحة ، نريد أن نرى شوارعنا خالية من الحفر ؟ أن تكون البنية التحتية من كهرباء وماء واتصالات متوفرة ولا تنقطع بين الحين والأخر ، نريد أن تصل القروض التي تكرم بها هذا البلد المعطاء في خمس سنين على الأقل وليس في ظرف عشرات السنين ؟؟

نريد أن يعطى المواطن بعض الاٍحترام وخصوصا في الدوائر التي لا أعلم أيهما قد وظف للآخرالموظف أم المراجع !! نريد لجة تقصي ومتابعة تلاحق كل زمرة فاسدة تعمل لمصلحتها واستخدام تلك المكانة في تيسير أمورها واٍضفاء المزيد من الأصفار لحساباتها وبقاء صفر في حساب المواطن ..! نريد من رجال الحسبة أن يحاسبوا أولئك التجار والذين قامت ملايينهم على أكتاف الفقراء ولازال الفقراء يزدادون فقرا والأغنياء يزدادون غنى !! نريد لجنة تقصي عن المواطنين العاجزين عن العمل والتي لا تكفل لهم لجنة الشؤون والعمل تحت أي مسمى حقيقي لحصولهم على تلك الاٍعانة بالرغم من استحقاقهم لها.
.
.
.